هل سيطيح الغضب الشعبي بحكومة ابن دغر..؟ وما هي تداعيات الانتكاسات الجديدة في عدن..؟
يمنات
عبد الخالق النقيب
استقالة المفلحي .. آخر الأوراق
خسر هادي “الرئيس المعترف به دولياً” المحافظ الأكثر حضوراً في الوسط الشعبي، باستقالة عبد العزيز المفلحي الذي لم يمضِ على تعيينه في رأس هرم السلطة المحلية أكثر من ستة أشهر، لتسقطت آخر أوراق هادي المؤثرة باعتبار المفلحي الشخصية التي كانت تخلق نوع من التوازن الملموس وتجلب الحظ والتأييد لهادي في الداخل الجنوبي، وإن لم تنجح إدارة هادي في إقناع المفلحي بالعدول عن استقالته فسيفقد واحداً من أهم الرهانات، ويتحول الأمر إلى فرصة سانحة لفصائل الحراك الجنوبي المسلحة للمضي قدماً في قرار التصعيد الثوري في وجه السلطة هناك، ولن يتبقَ سوى حكومة ابن دغر التي أخفقت بتثبيت المفلحي كمحافظ يستطيع العمل بدنياميكية متماسكة، وأنها بذلك “أي الحكومة” قد تجاوزت نفسها وقفزت على آخر الشخصيات التي يمكن أن تتجمل بها، وبحسب مراقبون فقد أتت خطوة استقالة محافظ عدن ضربة موجعة لحكومة ابن دغر، وضاعفت من حرجها الشديد، ما يعني أن ثمن الاستقالة فادح بالنسبة لـ”الشرعية”، وبات ثمن العدول عن الاستقالة وتطويق أزمة الخلاف مرتبط بمدى استجابة الرئاسة والحكومة لصوت الشارع الجنوبي.
تداعيات الانتكاسة الجديدة للعاصمة المؤقتة
تتضخم الآن التحديات أمام هادي وحكومته التي تحيط نفسها بمعسكرات مواجهة محتدة وخصوم أكثر ضراوة وسخط شعبي تتسع دائرته، وليس أمام هادي الكثير من الخيارات لتلافي مجريات الأزمة الناشبة في مدينة عدن التي يتخذها عاصمة مؤقتة، وتدخل طوراً تصعيدي جديد إثر استقالة المحافظ واشتعال أزمة الاتصالات منذ أيام، إذ تشير موجة التطورات المتلاحقة إلى تقويض الأوضاع مالم يتم تلبية الخطوات الإجرائية التي ينتظر إنجازها الملايين في جنوب اليمن، وباتت محكومة بـ”عودة المحافظ عبد العزيز المفلحي بسلطة نافذة في منصبه، واسترداد الأموال المسحوبة من رصيد ديوان عام المحافظة، وإيقاف فساد مشاريع الاتصالات التي تكرس مطامع وحسابات غير مفهومة على حساب تردي شديد للخدمات الأساسية وانهيار ساحق للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية، كما أن تلاشي حدة السخط ضد الرئيس وحكومته مرتبط بالوقوف بحزم لإنهاء المساعي الهادفة لمعاقبة الجنوب، من خلال تمكين المؤسسات والشركات الخدمية وإطلاق تجهيزاتها المحتجزة بصورة غامضة، والتي تتسبب بتردي الخدمات وإعاقة تنميتها في المدن والمحافظات الخاضعة لسيطرة الرئيس هادي وحكومته المسنودة بقوات التحالف، والتعامل مع تلك المحددات كمصفوفة مترابطة، باعتبارها تمثل أولوية لامتصاص الغضب الشعبي في جنوب اليمن عموماً ومدينة عدن على وجه الخصوص، واحتواء تداعياتها بأقل الأضرار، كون الاستقالة التي أعلنها محافظ عدن مساء الخميس الماضي لازالت تتفاعل وتجر معها تداعيات تلقي بظلالها على تطورات أمنية وسياسية خطيرة لها علاقة بـ”معسكر كبير للفساد كتائبه مدربة وحصونه محمية بحراسة يقودها رئيس الحكومة الدكتور أحمد بن دغر” بحسب تعبير المفلحي في نص الاستقالة.
خلق أزمات اقتصادية وإدارية
تستحوذ الاتصالات على حيز كبير من الأخبار القادمة من الجنوب إذا يواصل “معقل الشرعية” خلق أزمات أمنية واقتصادية وإدارية بالجملة، ومن تلك التقارير التي استحوذت علي حيز أثار حفيظة الكثير: احتجاز 74 محطة اتصالات تابعة لإحدى الشركات التي تقدم خدماتها في قطاع الاتصالات بطريقة لا علاقة لها سوى بالفوضى التي يتم تكريسها في الجنوب، إذ أن جهود مثل هذه الشركة واضحة وتقدم خدماتها بمهنية وجودة متوازنة في الشمال والجنوب اليمني، وقد تم إيقاف هذه المحطات في المكلا وفي مدينة جدة بعد أن تم شحنها بهدف تحسين جودة خدماتها، وكما ذكرت التقارير المعتمدة أن الشركة قامت باستيرادها بهدف إجراء عمليات إحلال واسعة للمحطات القديمة التي أصبحت متهالكة، وتتضاعف أهمية الإفراج عن تلك المحطات المحتجزة في أنها قادمة لإصلاح الشبكة الخاصة بمحافظات المهرة وحضرموت وهي المحافظتان اللتان تقع تحت سيطرة حكومة الشرعية، وبات الإفراج عن هذه الشحنات واحداً من أهم الاختبارات أمام حكومة ابن دغر، كي لا ينقطع الخط الرفيع الذي يربط الحكومة بالمواطنين هناك، وتسقط دون رجعة, إذ أن هذا الفشل والإخفاق تتحمله الحكومة فيما المواطن في الجنوب لم يعد قادر على مزيد من الاحتمال.
الجنوب بين فساد الاتصالات والإطاحة بحكومة بن دغر
بحسب السيناريو المرسوم ربما سيكون “ابن دغر” هذه المرة كبش يتم التضحية به، بعد أن تم الإطاحة بسلفة السيد خالد بحاح الذي رأس الحكومة مطلع الحرب، سيصبح الدكتور ابن دغر هو الهدف القادم إن لم يتم التراجع عن مشاريع الاتصالات التي وصفها المحافظ المستقيل بأنها “تثير السخرية لأن الحديث عن الاتصالات دون كهرباء، ضلال لا شك وأنه يخفي مطامع ومفاسد”، وساق المفلحي مثالاً أجج من سخط الشارع المشتعل قال فيه إن رئيس الوزراء خصص مبلغ يفوق خمسة مليارات ريال يمني (13.4مليون دولار أمريكي) من حساب المحافظة لوزارة الاتصالات قائلاً إنه يريد أن يمنح اليمنيين خدمة انترنت تضاهي ما لدى العالم “، بصرف النظر عن التوجهات التي يتم الحديث عنها تحت الطاولة، غير أنه فيما يبدو أنه يتم توريط حكومة ابن دغر بارتكاب أخطاءً فادحة، وتمضي وفق سياسات مثيرة للجدل على نحو متسارع، وغالباً ما ستؤدي إلى اتساع دائرة التذمر والسخط الشعبي، وإضعاف موقف الحكومة الشرعية على الصعيد الداخلي والخارجي، ما يزيد من تآكل الموقف الدولي تجاه الشرعية التي كان الرهان عليها محوري في تغيير مسار الأزمة وإدارة الحرب بشكل يسهل عملية الانتقال بالحالة السياسية والأمنية إلى النموذج المتماسك الذي ترافق الترويج له في مسيرة الحرب، غير أنها أخذت تلعب بعنصر الوقت وبحسابات مضطربة للقدرة والقوة، متجاهلة للتكوين البنيوي للدولة وبأنها تتحمل تبعات الحالة المختلة على اعتبار أنها لازالت تقدم نفسها بأنها المسؤولة عن مواطني الجمهورية اليمنية في الشمال والجنوب.
المصدر: رأي اليوم اللندنية
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا